خاص MDM News

ازدواجية في تطبيق المناصفة: لماذا سُمِحت في بلدية بيروت ومُنِعت في سواها؟

محمد دياب مرزوق

مع اقتراب الاستحقاق البلدي في العاصمة، تعود إلى الواجهة مسألة المناصفة الطائفية في تشكيل المجالس البلدية، وتحديداً في بلدية بيروت، حيث تُعتبر المناصفة بين المسلمين والمسيحيين عرفاً مقبولاً ومُكرّساً، بل ومُرحّباً به من معظم القوى السياسية. إلا أن هذا العرف، الذي يُروّج له كصيغة توافقية للحفاظ على التوازن في العاصمة، يُمنع تطبيقه في عدد من البلديات الأخرى، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول ازدواجية المعايير وتناقض المواقف السياسية.

ففي حين تُوزّع مقاعد مجلس بلدية بيروت الـ24 بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين، رغم غياب أي نص دستوري يفرض ذلك، ترفض وزارة الداخلية والمحاكم الإدارية طلبات مماثلة في بلديات أخرى، بحجّة مخالفتها لمبدأ التمثيل النسبي الذي يُفترض أن يُراعي التوزيع الديموغرافي لا الطائفي.

ازدواجية قانونية؟

مصادر قانونية أكدت لـموقع”MDM News” أن ما يُطبق في بيروت هو “عرف سياسي لا أكثر”، لا يستند إلى نص صريح في قانون البلديات. وتُضيف المصادر: “ما يُسمى بالمناصفة في بلدية بيروت هو نتيجة اتفاق ضمني بين القوى السياسية الكبرى، وليس نابعاً من قاعدة قانونية ملزمة. أما في سائر المناطق، فلا يمكن فرض المناصفة على حساب التمثيل الشعبي إلا عبر تعديل تشريعي صريح”.

معايير استنسابية؟

من جهتها، ترى جمعيات مدنية وحقوقية أن هذه الاستنسابية تعمّق الشعور بالغبن لدى بعض المجموعات المحلية، وتُكرّس مفهوماً انتقائياً للديمقراطية. وتُضيف: “إذا كانت المناصفة ممكنة في العاصمة تحت عنوان العيش المشترك، فلماذا تُرفض في بلدات مختلطة تُطالب بتوزيع عادل للتمثيل؟”.

الجواب سياسي لا قانوني

يرى مراقبون أن الجواب على هذا التناقض ليس قانونياً بقدر ما هو سياسي، فالمناصفة في بيروت تُعتبر شرطاً من شروط التوازن الوطني، ومطلباً دائماً للقيادات السياسية الكبرى، خصوصاً المسيحية منها، التي تعتبر أن تمثيلها في العاصمة يجب أن يُحفظ ولو على حساب القواعد الديمقراطية العامة.

خلاصة

في غياب إصلاح شامل لقانون البلديات يضع حداً للاجتهادات السياسية والمذهبية، ستبقى المناصفة في بيروت استثناءً مكرّساً، وسبباً إضافياً للنقاش حول عدالة النظام البلدي في لبنان. فالقاعدة اليوم تبدو واضحة: ما يُسمح به في بيروت، لا يُسمح به في سواها، والعدالة البلدية… على قياس الطوائف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى