من الأحساء إلى مكة.. قصة صناعة كسوة الكعبة في السعودية
يوم السبت القادم يتم إنزال الكسوة القديمة للكعبة وإلباسها الكسوة الجديدة
تقوم الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، يوم السبت القادم، باستبدال كسوة الكعبة المشرفة على يد 166 فنياً وصانعاً، جريًا على العادة السنوية، وستُستبدل الكسوة القديمة بكسوة جديدة.
وفي هذه الأثناء، استعاد عدد من المهتمين قصة صناعة كسوة الكعبة المشرفة في السعودية، كما أكدت بعض المراجع التاريخية أن أول كسوة للكعبة المشرفة نُسجت في محافظة الأحساء -شرق السعودية- عام 1221هـ، نظرًا لإتقان وجودة أهالي الأحساء في الحياكة، واستمرت صناعة الكسوة إلى آخر عهد الدولة السعودية الأولى عام 1227هـ، وبهذا قامت الأحساء بحياكة 8 كسوات للكعبة، متنقلة بين مدينة الهفوف والمبرز، وكان آخرها في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز عام 1343 هجرية، قبل أن تنتقل إلى مكة المكرمة.وأشارت عدد من البحوث التاريخية إلى أن الإمام سعود الكبير هو أول أمير سعودي يكسو الكعبة، بعد دخول الحجاز في حوزته عام 1219 هجرية، وكانت بالخز الأحمر الثمين رغم ثبوتها على اللون الأسود منذ عام 622 هجرية. وانقطع إرسال كسوة الكعبة مع المحمل القادم من مصر بعد ضم الحجاز، فاستشار الإمام من معه من أمراء البلدان، وأشير إليه بالأحساء لوجود ما يكفي من الحرفيين لنسج كسوة فاخرة.
إلى حين أن صدر أمر من الملك عبدالعزيز، بصناعة دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة في عام 1346هـ، وسمي بـ”مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة”، وقد وفرت الحكومة السعودية جميع الإمكانيات لصناعة الكسوة، وتم تزويدهم بآلات النسيج ومواد الخام كالحرير ومواد الصباغة، وأيضًا الفنيين اللازمين.
كسوة جديدة السبت القادم
من جانبه، بيّن وكيل الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الدكتور سعد المحيميد، أنه سيتم يوم السبت القادم إنزال الكسوة القديمة للكعبة، وإلباسها الكسوة الجديدة، والمكونة من أربعة جوانب مفرقة وستارة الباب، حيث سيُرفع كل جنب من جوانب الكعبة الأربعة على حدة، إلى أعلى الكعبة المشرفة تمهيداً لفردها على الجنب القديم. ويتم تثبيت الجنب من أعلى بربطها وإسقاط الطرف الآخر من الجنب بعد أن يتم حل حبال الجنب القديم، بتحريك الجنب الجديد إلى أعلى وأسفل في حركة دائمة. بعدها يسقط الجنب القديم من أسفل ويبقى الجنب الجديد، وتتكرر العملية أربع مرات لكل جانب إلى أن يكتمل الثوب. وبعدها يتم وزن الحزام على خط مستقيم للجهات الأربع بخياطته، وتبدأ هذه العملية أولاً من جهة الحطيم، لوجود الميزاب الذي له فتحة خاصة به بأعلى الثوب، وبعد أن يتم تثبيت كل الجوانب تثبت الأركان بحياكتها من أعلى الثوب إلى أسفله. وبعد الانتهاء من ذلك يتم وضع الستارة التي تحتاج إلى وقت وإتقان في العمل، بعمل فتحة تقدر بمساحة الستارة في القماش الأسود التي تقدر بحوالي 3.3 أمتار عرضاً حتى نهاية الثوب، ومن ثم يتم عمل ثلاث فتحات في القماش الأسود لتثبيت الستارة من تحت القماش. وأخيراً يتم تثبيت الأطراف بحياكتها في القماش الأسود على الثوب.
200 صانع للكسوة
وأشار الدكتور المحيميد إلى أنه يعمل في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة قرابة 200 صانع وإداري، مبيناً أن أقسام المجمع هي قسم المصبغة والنسيج الآلي، وقسم النسيج اليدوي، وقسم الطباعة، وقسم الحزام وقسم المذهبات، وقسم خياطة وتجميع الكسوة الذي يضم أكبر ماكينة خياطة في العالم من ناحية الطول حيث يبلغ طولها 16 متراً وتعمل بنظام الحاسب الآلي، مبيناً أن هناك بعض الأقسام المساندة مثل المختبر والخدمات الإدارية والجودة والعلاقات العامة والصحية للعاملين والسلامة المهنية بالمجمع، لافتاً النظر إلى أن الكسوة تستهلك نحو 670 كلغ من الحرير الخام الذي تتم صباغته داخل المجمع باللون الأسود، و120 كلغ من أسلاك الذهب، و100 من أسلاك الفضة.