عاصفة زلزالية تضرب المنطقة: لبنان في قلب “الكريزة”؟
في العلم، لا تتكرر الأحداث. لا ترتبط بتاريخ أو بزمان محددين، فيبدو النبش في ذاكرة 6 شباط 2023 ضرباً من إشاعة الترهيب في نفوس اللبنانيين، على وقع حالة التأهب بعد تسجيل أكثر من 200 زلزال تحت مياه المتوسط في 3 أيام، ما أثار مخاوف من وقوع زلزال مدمر في اليونان، بعد عدد هزات غير مسبوق في بحرها، واتخاذ إجراءات إحترازية، ستبقى قائمة خلال أيام في حال استجد طارئ غير محسوب.
هذا ما حصل في اليونان، أمّا في لبنان فتشهد مواقع التواصل و”غروبات الواتساب” التي تحولت بفعل فاعل إلى وكالات أخبار تغدق سيلاً من المعلومات والتحليلات غير المؤكدة والموثوقة، على إنتشار كثيف لتحذيرات من خطر حدوث زلازل وتسونامي، وتكرار سيناريو 6 شباط الأسود.
عاصفة زلزالية
ولكنّ هذه التحذيرات لم تأتِ من فراغ، بل ارتبطت بخلفية العاصفة الزلزالية التي تشهدها المنطقة، فبعدما ضربت جزيرة سانتوريني اليونانية أمس، أكثر من مئتي هزة بلغت قوة إحداها أكثر من 5 درجات، خرجت تركيا عن صمتها، وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (Afad) عن استمرار النشاط الزلزالي المكثف في منطقة بحر إيجه. واقترن هذا النشاط بتسجيل 400 هزة منذ الثامن والعشرين من كانون الثاني 2025، إذا اعتبرت Afad في بيانها أن النشاط الزلزالي الحالي يُصنف على أنه “عاصفة زلزالية”، وبلغ أقوى زلزال مسجل حتى الآن قوة 4.8 درجة. وربطاً بهزات اليونان، فإنّ الهزات التركية تركزت على بعد نحو 25 كيلومترًا شمال شرقي جزيرة سانتوريني، وتتراوح أعماقها بين 5 و10 كيلومترات.
ماذا عن لبنان؟
فماذا عن لبنان؟ يتطرق الخبير الجيولوجي والباحث في علم الزلازل الدكتور طوني نمر، في معرض اجابته على هذا السؤال أولاً، للحديث عما يتم تداوله من معلومات وأخبار عبر مواقع التواصل الإجتماعي والتذكير بزلزال 6 شباط، مؤكداً لـ”المدن” أنّ “كل ما نسمعه هو إشاعات وسوشيل ميديا”، ولا علاقة له بالواقع العلمي “فالزلزال لا تعرف التواريخ ولا يتذكرها. وما حصل انّ ثمة من رمى بإشاعة مرعبة، والناس بدأوا بتداولها خوفاً من حصول أي مأساة”.
وعن التفسير العلمي لما يحصل، يشير نمر إلى انّ ما جرى في اليونان خلال الأربع وعشرين ساعة “ليس بجديد على هذه المنطقة تحديداً”، ولكن ما حصل أنّ “الهزات جرت بوتيرة سريعة جداً، أسرع وأقوى مما هو متوقع”. ويؤكد نمر في هذا الاطار أنّه “لا يوجد رابط بيننا كلبنان وبين اليونان. وليس بالضرورة ما يحصل في اليونان أن يتكرر في لبنان، ولا نعرف إذا كان ما يحصل هو تحضير للأسوأ”.
القوس الهلّيني
هنا يشير نمر إلى تركيبة الفوالق والصفائح، لفهم أوسع حيال ما يجري في المنطقة بعد تشبيه ما يحصل كونه “كريزة” على مستوى الفوالق. ويقول “التركيبة الهلينية في اليونان بعيدة عنا إلى حد كبير، والهزات الأرضية السريعة والمتتالية في اليونان إلى الجنوب من بحر إيجه تحصل في نطاق القوس الهلّيني الذي تتداخل فيه الفوالق الزلزالية والتركيبات البركانية”.
وبحسب نمر “فالتركيبة الهلينية بعيدة عن القرن القبرصي ويمتد نحو الشرق وشمال شرق باتجاه سوريا”، فهل هي قريبة من الشاطىء اللبناني بطبيعة الحال؟ يجيب نمر “السلسلة القريبة من القرن القبرصي، هي الأقرب لنا من ناحية البحر، ولكنّها اليوم منفصلة تماماً عما يحصل في اليونان”.
فما هي احتمالات الخطر على لبنان أو التأثر بما يحصل في المنطقة؟ يقول نمر “نحن نبعد عن تركيا 350 كيلومتر، ومن الممكن ان نتأثر في حال حصلت ارتدادات أو هزات من ناحية الأرض بالقرب من فالق البحر الميت”.
احتياطات وتخوف
وعن القوس الهلّيني الواقع في اليونان، يذكر نمر بأنّ الفوالق ضمن هذه المنطقة “شهدت زلزال 9 تموز/يوليو 1956 بقوة 7.5 درجات والذي تبعه تسونامي وصل تأثيره الى الشواطئ الفلسطينية حينها”. ورأى أنّ “الإجراءات التي تتخذها السلطات اليونانية تأتي من باب التحوّط لفترة زمنية محددة كون المنطقة تحوي الكثير من الجزر والمناطق السكنية والمنتجعات السياحية، وليس استشرافاً أو تحضيراً لزلزال أو بركان وشيك”.
وأمام هذه المعطيات فمن الأرجح أنّه لا داعي للخوف.
المصدر: المدن
الكاتب: زينب زعيتر