أهرامات مصر والطاقة الكونية… أسرار الحجر، وألغاز هرمس الهرامسة

بقلم الدكتور نضال العنداري
في قلب الصحراء المصرية، وعلى ضفاف النيل، حيث يلتقي الرمل بالشمس، والسماء بالحكمة، تقف أهرامات الجيزة شامخة كأنها خرجت من رحم نجمٍ لا من تراب. لأكثر من أربعة آلاف عام، تحدّت الأهرامات الزمان والمكان، وظلت تقول دون أن تنطق: “أنا السرّ الذي لا يُفسّر، واللغز الذي لا يُستنزف”.
لكن، حين نغوص في هذا الصمت الحجري، نكتشف أن الأهرامات ليست مجرد مقابر لملوك… بل هي رموز هندسية – طاقية – كونية، صُمّمت لتكون أدوات فعّالة للاتصال بالوعي الأعلى، للشفاء، للتحوّل الروحي. وكل من يدخلها يشعر بأنها ليست بناءً من حجر فقط… بل كائن حيّ من نور وطاقة وإدراك.
ووسط هذه الأسرار، يظهر اسمٌ محفوف بالهالة والرمز: هرمس الهرامسة. من هو؟ هل هو شخص؟ أسطورة؟ كاهن؟ رسول؟ أم هو مزيج من كل هذا؟ وما علاقته بهذه الأهرامات التي يبدو أنها كُتبت بنفس اللغة التي نُسِبت إلى هذا الحكيم الخالد؟
الأهرامات كأدوات طاقية… لا مجرد أبنية
دعنا أولًا نبدأ بالواقع العلمي الروحي المعاصر:
العديد من الأبحاث أكدت أن الأهرامات، وخصوصًا الهرم الأكبر، صُممت بدقة متناهية لا يمكن وصفها بالبدائية.
زاوية ميلانها 51.5° لا توجد مصادفة، بل هي الزاوية المثالية لتركيز الطاقة في نقطة القمّة.
الموقع الجغرافي للهرم الأكبر على خط الزوال الجغرافي الدقيق، يجعل منه مركزًا مغناطيسيًا فريدًا.
كما أن استخدام حجر الجرانيت الغني بالكريستال (الكوارتز) في الحجرة الملكية يُحوّله إلى مُضخّم طبيعي للطاقة الصوتية والكهرومغناطيسية.
ويقول بعض الباحثين، أن حركة المياه الجوفية تحت قاعدة الهرم، مع وجود هذه المواد، كان يمكن أن تُستخدم لتوليد طاقة لاسلكية، بطريقة تُشبه تكنولوجيا “نيكولا تسلا”، لكن بأداة صامتة وبدائية خارقة.
الرنين المقدّس والشفاء الصوتي
داخل الهرم، تُسجّل موجات صوتية بترددات خاصة تُحفّز الدماغ على الدخول في حالة “ألفا” و”ثيتا”، ما يساعد على الاسترخاء العميق والتأمل، وحتى على الشفاء.
من يدخل الحجرة الملكية في صمت تام، يشعر وكأن جسده يهتز من الداخل… كأن صوتًا داخليًا يهمس له بشيء لا يُقال بالكلمات.
وكأن الهرم لا يُستخدم فقط كـ “مولّد للطاقة”، بل كـ أداة تنقية وارتقاء ووعي روحي.
ارتباط الأهرامات بالنجوم: خريطة السماء على الأرض
الأهرامات الثلاثة مُحاذية تمامًا مع “حزام الجبار” – مجموعة نجوم ترتبط في الحضارة المصرية بالإله أوزيريس، رمز الحياة ما بعد الموت، والتجدد الأبدي.
وبحسب الفلكيين، فإن هذه المحاذاة لم تكن عبثًا، بل محاولة لفتح قناة بين الأرض والسماء. وكأن الأهرام صُمّمت لتكون نقطة ارتكاز بين الإنسان والكون.
وفي قلب هذا الفهم الكوني، يأتي ذكر اسم “هرمس”.
هرمس الهرامسة… من هو هذا الحكيم الذي صاغ لغة النور؟
“هرمس الهرامسة”، أو كما يُطلق عليه باللاتينية Hermes Trismegistus، هو الشخصية الغامضة التي نُسِب إليها “متون هرمس” – وهي نصوص فلسفية وروحية تحتوي على أعظم الحكم والأسرار.
يُقال إنه تجسيد موحّد بين الإله تحوت المصري، والإله اليوناني هيرمس، والنبي إدريس عليه السلام بحسب بعض التفسيرات الصوفية.
وما يلفت الانتباه، هو أن الكثير من المتون المنسوبة إليه تتحدث عن:
• العلاقة بين الطاقة والروح والمادة.
• فكرة “كما في السماء، كذلك على الأرض”، وهي الفكرة ذاتها التي نجدها في هندسة الأهرام.
• استخدام الهندسة والصوت والأرقام للتواصل مع الإلهي والماوراء.
بل إن هناك من يعتقد أن هرمس هو من قاد بناء الأهرامات أو أشرف على تصميمها كجزء من مشروع كوني لإعادة توازن الأرض.
وأن الأهرامات ما هي إلا “كتاب حجر” كتب فيه هرمس رسالته، لا بحبر، بل بشكل وطاقة وموقع وتردد.
الأهرامات كنقطة تلاقي بين الأرض و”البرانا”
في الفلسفة الشرقية، هناك طاقة تُدعى “البرانا” – وهي طاقة الحياة الكونية التي تتدفّق في كل شيء حي.
والأهرامات، بحسب مئات التجارب، تُعد من أقوى نقاط جذب هذه الطاقة. من يدخلها، يشعر بنقاء في الأنفاس، بتركيز داخلي عميق، بإعادة توازن داخلي.
هناك من قال إنه شُفي من مرض بعد جلسة صامتة داخل الهرم، وهناك من خرج منه بقرار غيّر مجرى حياته، وكأن الهرم أعاد له وضوح الرؤية.
هل الأهرامات شيفرة طاقية كُتبت لحماية الأرض؟
تقول بعض النظريات أن أهرامات مصر وُضعت في نقاط طاقية دقيقة على سطح الأرض، تمامًا كما تُزرع الإبر في “الوخز بالإبر” في الجسد البشري.
وكأنها شاكرات الكوكب… وهرم الجيزة هو الشاكرا الأساسية، الجذر، التي تحفظ استقرار الأرض الروحي والمادي.
هذه ليست فقط فرضيات… بل إشارات.
ومع كل اكتشاف جديد، نجد أنفسنا أقرب إلى الاعتقاد بأن الأهرامات ليست من زمنٍ مضى… بل من زمنٍ قادم. من حضارة لم تُبنَ فقط من طين، بل من نور.
حين نقرأ الحجر… نقرأ أنفسنا
الأهرامات تقول الكثير… لكنها لا تصرخ.
هي تتكلّم فقط لمن يصمت، يصغي، يفتح قلبه لا عينيه فقط.
وحين تقف أمامها، وتغلق عينيك، وتشعر بالذبذبة الخفية في قدميك… ستعرف.
ستعرف أن هناك شيئًا أقدم منك… يسكن فيك.
وكأن كل هذا البناء العجيب، لم يُصمّم ليُدهشك فقط، بل ليوقظ فيك جزءًا نائمًا، يقول:
“الكون بداخلك… كما في الهرم، كذلك فيك.”
من كتاب “الكون بداخلك”
بقلم الدكتور نضال العنداري
كاتب في الوعي الكوني، وباحث في الحكمة الخالدة والطاقة الروحية
Facebook: Dr-Nidal Andary
Instagram: @nidal_andary
X: @drnidal_andary