كتب الاستاذ علي سليم مقاله في موقع MDM News,الرسائل الإيجابية في التربية الحديثة:
الرسائل الإيجابية في التربية الحديثة
يعيش العالم اليوم تحديات كبيرة نتيجة التطورات التكنولوجية الهائلة التي لم تطل فقط معامله ومصانعه، وإنما طالت جميع مناحي الحياة وعلى رأسها مؤسسة العائلة.
لقد اختلف الماضي مع الحاضر، ففي الماضي كانت العائلة تحت سلطة أب إما غائب في عمله يعمل على جمع المال، ومن اكبر همومه أن يدخل المنزل حاملا ما يضمن المأكل والمشرب لزوجته واولاده، واما أبا قاسيا يستخدم سلطته في فرض الرأي وقمع كل مخالف داخل الساحة العائلية. والباقي معتدل في كلامه وسلوكه، يستخدم حكمته وفطرته الإنسانية.
أما الآن فقد دخلنا في عصر العالم المفتوح. فلم يعد الأب والأم هما المتحكمان الوحيدان في العملية التربوية، ففي يد كل طفل جهاز ينقله إلى عالم لا حدود له يحمل مناظير مختلفة للحياة، فما على الوالدان إلا مجابهة التحديات بايجابية، وتزويد الأطفال بأدوات فاعلة قادرة على أن تنقلهم من دائرة الخطر الى دائرة المنفعة والمشاركة.
لقد طرح بعض علماء التربية عدة رسائل ايجابية تستطيع أن تخفف من وطأة تلك التحديات، وهي من القناعات الجديدة التي ترفع من فاعلية العملية التربوية:
1- لا بأس في أن يكون ولدكم مختلفا عنكم: فالإختلاف رحمة، ومن غير المطلوب أن يكون أبناءنا نسخة طبق الاصل عنا، وهذا أمر يعاكس التطور في الفكر والشخصية بالتوازي مع تطور المجتمع، فأبناؤنا لهم استقلاليتهم وحياتهم الخاصة، وهم من سيحدد شكل الحياة المستقبلية من خلال أخلاقهم وقيمهم الإيجابية.
2- لا بأس في ارتكاب ولدكم للأخطاء: فكم أضعنا من طاقات ومبادرات نتيجة خوفنا من الفشل، فالكثير منا يعاني يوميا من معركة الهروب من الشعور بالخطا، باحثا عن المثالية، وهذا حلم صعب المنال، يستنزف الطاقة الفكرية والعصبية، ثم نجد أنفسنا نراوح مكاننا خوفا من اهتزاز تلك الصورة التي رسمناها لأنفسنا، وكل ذلك بسبب أننا تربينا على فكرة المثالية، وما المطلوب منا إلا أن نترك مساحدة من التفكير وحرية التصرف لأبنائنا، فهذا ما يقوي عضلات الإستقلالية والإعتماد على الذات.
3- لا باس في أن يعبر ولدكم عن مشاعره السلبية: فالتعبير عن المشاعر السلبية هو متنفس مهم يحمينا من الإضطرابات النفسية مستقبلا، فما يكبته ابناؤنا اليوم، سيشكل نمط تفكيرهم في المستقبل باحثين عن وسيلة لتنفيس ذلك الكبت. لذلك علينا ان نسألهم عن مشاعرهم، نستمع لمشاكلهم، ونشجعهم ان يكونوا شخصية تستطيع تقبل جميع انواع المشاعر الإيجابية والسلبية التي خلقها الله فينا.
4- لا بأس في أن يرغب ولدكم في المزيد: فالحاجة أمر طبيعي للطفل، فهو يطلب ليتملك ويطلب ليستهلك، ولكن علينا ان ندير تلك الحاجات حتى لا يتحول عدم الاشباع الى حرمان، وكذلك لا يتحول الاشباع المستمر الى زهد بنعم الله، فلا يعد الطفل يرى عطاء ربه، وكفاح أهله في تأمين حاجاته المستمرة، فخير الأمور أوسطها.
5- لا باس في ان يقول لا، ولكن لنتذكر دوما ان الأب والأم هما المتحكمان في زمام الأمور: فمن الأمور الصحية أن يعبر الطفل عن رأيه وان يقول لا، ولكن تحت سقف محدد، ومن الخطورة تجاوز، وهذا ما سيؤدي إلى كسر هيبة النظام، ويعزز حالة الشعور بالتفلت وعدم ضبط النفس لدى الطفل مستقبلا.
وهذه الرسائل الإيجابية الخمس تخفف من حالات التمرد، وتفتح من جديد جسر العبور نحو جيل واعد وجو عائلي اكثر استقرارا.
أخيرا، إن الامانة التي يحملها الآباء والأمهات عظيمة، فهي تنتج من سيحمل امانة هذه الحياة واستمرارية تطورها، والسؤال الذي نطرحه، أي إنسان نريد؟ المستسلم المطيع أم القوي المستقل…