براعم الغد
![](https://mdmnews.org/wp-content/uploads/2025/02/IMG_1431.jpeg)
كتبت سحب في MDM News
نظرت «أمان »عبر النافذة إلى تلك الشجرة العارية… كانت أغصانها تنادي السماء، سماء رمادية، قاتمة تارة، مشرقة بشمس حزينة تارة أخرى…و كانت أوراقها ذابلة،شاحبة،تحلم بالعودة إلى أمها الأرض مع كل ريح…
عجيب ابن آدم، ينتظرالعطاء و يكتئب من الغيم و المطر و ينتحب مع كل قطرة تأتي بالخير!!
كم طال انتظار الشتاء هذا العام،ببرده و ثلوجه،بلياليه المتأججة بالرعود و مواسم البركة…
كانت زرقة السماء في غير موسمها تنذر بأيام عجاف و سنابل شحيحة …
شهور من شمس حارقة،تلاعبت بالفصول فكادت الصحراء تجتاح البلد الأخضر، بلد رحل أهله في كل الأرجاء،ينشدون الرزق و الستر و العيش الكريم…
و تشبثت الصخرة الشهيرة بموقعها عند العاصمة، أبت أن تغادر… لم تفلح الأمواج في تفتيت أسسها،فظلت شامخة تستقبل أبناءها من رواد الأبيض المتوسط بحب و شوق…
هذا البحر الذي شهد العالم القديم بأديانه الثلاث،بأمجاد صنعتها أجيال…بنيرانه و جنانه،بشمسه و قمر و ليالي سمره…
كان لشطآنه انتشارحرف و تبادل معارف بين شرق أبيِّ و غرب شارد في عصورالظلام…
ثم باتت شمسنا تشرق من الغرب الناهض لتنير شرقا غارقا في البخور و العطور…
و تناثرت نجوم في ظلام خيَّم طويلا على جنة الأرض وصدَّقنا المنجمين رغم إيماننا برب العزة…
و اجتاحت عقولنا مفاهيم لا تنتمي إلى شرقنا الأصيل ،فابتعد الجار و قطعت أرحام و بات المال و البنون أعداء لمن أمضوا العمر في الكفاح و السهر…
و استفاقت «أمان » من شرودها على قطرات تدق زجاج النافذة وتتدلى من أغصان الشجرة،متلألئة ككنز مرصود…
وحانت منها التفاتة ففطنت إلى براعم صغيرة تحتضنها الأغصان العارية،مكتنزة بالحياة ،تنتظر موسما تنشق فيه عن ربيع أخضر يحنو على الأرض الطيبة ويجفف دمعها بأشعته اللطيفة .
فابتسمت«أمان» و انهمر المطر و اهتزت الأغصان ،مزهوة بأجنتها،براعم الغد…